من بين متاحف عدة تحفل بها مدينة القاهرة يقف متحف الشمع في ضاحية حلوان في موقع الصدارة، ليس فقط بما يضمه من مقتنيات
نادرة تروي مراحل تطور التاريخ المصري، بداية من الفراعنة وصولا إلى العصر الحديث، وإنما بما يحتويه بين جدرانه من تماثيل شمعية
صنعت بدقة متناهية دفعت متخصصين إلى اختياره في المركز الثاني لأشهر المتاحف الشمعية في العالم.
ويرجع تاريخ إنشاء متحف الشمع في مصر إلى العام 1934 في محاولة لتجسيد الأحداث التاريخية المصرية، وإبراز أهميتها على
المستويين العربي والعالمي ويصنف خبراء متحف الشمع باعتباره متحفا تعليميا، فهو يحكي من خلال عشرات التماثيل التي نحتت بدقة
شديدة، تاريخ مصر في شكل مجسم، الأمر الذي يجعله قبلة لآلاف الطلاب والسائحين على حد سواء.
ويعد متحف الشمع المصري هو الرابع على مستوى العالم بعد متاحف فرنسا وإنجلترا واستراليا من حيث ما يضمه من مقتنيات، لكنه يحتل
المركز الثاني من حيث الشهرة، وقد تم نقل المتحف ثلاث مرات في الأولى من ميدان التحرير إلى شارع قصر العيني، ثم إلى منطقة الواحة،
وأخيرا في موقعه الحالي بالقرب من منطقة عين حلوان.
ويضم المتحف 116 تمثالاً و26 منظراً تحكي تاريخ مصر، بدءاً من الأسرة 18 الفرعونية، حتى ثورة 23 يوليو/تموز، وتعطي تماثيل هذا
المتحف المصنوعة من مادة الشمع انطباعاً للمشاهد بأنه أمام شخصيات من لحم ودم .
وأنشئ المتحف على يد الفنان المصري العالمي جورج عبد الملك، وكان من امهر الفنانين المصريين في عصره، بعدما برع في تجسيد
العديد من القصص والروايات، التي تسرد تاريخ فجر الحضارة الفرعونية، مروراً بالحضارات اليونانية والقبطية والإسلامية وصولاً إلى
عصر الثورة في يوليو/تموز 1952 في العديد من التماثيل الشمعية التي تعد من ابرز مقتنيات المتحف وقسم الفنان عبد الملك العصور
التاريخية التي مرت على مصر في 26 مشهداً، وضع لها خلفيات موحية ذات دلالة، أضفت على المشاهد تأثيرات الحياة في عصورها
الغابرة. . ويعتمد تقسيم المتحف على تخصيص عدد من القاعات لكل فترة زمنية معينة، يحيط بكل قاعة حديقة مورقة أعطت المتحف بريقا
خاصا، ويمكن المرور من مشاهد عصر إلى عصر آخر عبر الغرف المتصلة ببعضها بشكل متوالٍ، يسرد الحقب التاريخية في ترابط
تاريخي، وتنتهي هذه القاعات بممرات مؤدية إلى صالات أخرى تعرض بها مقتنيات المتحف..
ويبدأ الزائر بقسم العصر الفرعوني الذي يحاكي تاريخ الأسرة الثانية عشرة والتي حكمت مصر لمائتين وخمسين عاما متواصلة، وقد أبدع
الفنان في تجسيد ملوك هذه الأسرة ابتداءً من أمنحتب الرابع، وهو أول المنادين بتوحيد العبادة ونبذ عبادة الطيور والحيوانات وعبادة
الشمس كإله واحد، وفي جانب من هذا المشهد يظهر القائد حور محب بجانب زوجته، وأحد النمور المتوحشة التي كانت تصاحب الجيوش
في معاركها عندما كان حور محب قائداً لجيوش مصر القديمة . وبانتهاء عروض هذه الصالة يمكن للزائر الانتقال إلى صالة أخرى مروراً
بأحد الممرات المخصصة لذلك، حيث يمكنه مشاهدة مشهد ديني يعبر عن انتشال سيدنا موسى من النيل بهذا الممر، وتظهر في خلفية المشهد
المعابد الفرعونية ونهر النيل وعرش آسيا.
وبنهاية الممر نجد صالة بها مشاهد تروي قصصا وروايات عن عهد الإسلام والخلفاء الراشدين ومعظم القادة المسلمين، حيث يظهر في أحد
المشاهد تمثال لأشهر قارئ للقرآن في عهد الرسول صلى الله عليه وسلم وهو عبدالله بن مسعود وكذلك مشهد لكسوة الكعبة التي كانت
تخرج من مصر بداية من فترة حكم شجرة الدر حتى قيام ثورة يوليو/تموز 1952. وبجانب آخر من الصالة يوجد مشهد آخر يروي طرق
علاج صلاح الدين لريتشارد قلب الأسد ويروي كيف أن صلاح الدين هو الذي انتصر على الصليبيين في موقعة حطين عام 1187 والتي
حرر فيها بيت المقدس وعقد بعدها صلح “الحرملة” ثم مغادرة ريتشارد إلى الشام، ويبين هذا المشهد مروءة وسماحة الإسلام دين المحبة
والسلام. .وفي الصالة المقابلة لصالة الإسلام، هناك مشهد رائع للويس التاسع عشر ويصور هذا المشهد أسر لويس في دار “ابن لقمان”
بالمنصورة بعد هزيمته من قطز أحد قادة شجرة الدر التي تولت قيادة الجيش بعد وفاة زوجها.
وبصالة العرض الأخيرة توجد عدة مشاهد نموذجية غير المشهد الذي خصص للرئيس جمال عبدالناصر، بالإضافة إلى مشهد لليالي رمضان
وارتباطها بالشارع المصري خاصة استخدام الفوانيس، بالإضافة إلى مشهد نموذجي للفن الشعبي والذي يتمثل في “الأراجوز”، وبرغم
معرفة التاريخ المصري القديم، فإن متحف الشمع يضيف بعدًا آخر لهذا التاريخ ويعمل على تشكيل صورة في الوعي تربط الماض
بالحاضر
..
والان حنقوم بجوالة جميلة وممتعة داخل متحف الشمع بالصور
وبكده تكون انتهت جوالتنا داخل متحف الشمع
تحياتى :"ADMIN"